احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

ولا تأخذكم بهما رحمة!

جاء في تقرير المؤتمر الدولي المعني بالسكان، الذي عقد في (مكسيكو) عام 1404هـ -1984م: "ينبغي أن تكون السياسات الأسرية - التي تدعمها أو تشجعها الحكومات - حساسة للحاجة إلى ما يلي:

 

• تقديم الدعم المالي، أو أي دعم آخر للوالدين - ويشمل ذلك الوالد غير المتزوج أو الوالدة غير المتزوجة - في المدة التي تسبق أو تلي ميلاد الطفل، وكذلك في المدة التي يتولى فيها الوالدان مسؤولية رعاية الأولاد المباشرة وتعليمهم.

 

• مساعدة الزوجين والوالدين الشابين - ويشمل ذلك الوالد غير المتزوج، أو الوالدة غير المتزوجة - في الحصول على سكن مناسب"[1].

ولا يظنن ظانٌّ أن الأم أو الأب غير المتزوجين هما من افترقا بسبب الموت أو الطلاق، فهؤلاء الأنذال لا يرون بأساً بأن تأتي المرأة غير المتزوجة بالذي اسمه "الأب" من الشارع، وتلقي بالذي اسمه "الابن" إلى الشارع!

 

وهم لفرط شفقتهم على هذا النوع من الأمهات، وشدة حدبهم على المجتمع المكون من أمثال هؤلاء الأطفال؛ يرون أن من أوجب واجبات الحكومات: بذلَ الأموال، وتشييد الدور للساقطين والفواجر؛ ليتمكنوا من تعهد نبتهم الفاسد. وفي هذا دعوة صريحة لمساواة العاهر الفاجرة بالحَصَان الطاهرة، والساقطين الفجار بالعفيفين الأطهار، ليرتفع الحرج عن هؤلاء، وليتجاسر على الريبة من كان يصده عنها الحياءُ من الناس.

 

إن إبليس الملعون لما أكل الحسدُ قلبَه جاء إلى آدم، وقد تسربل بلباس الناصح الأمين! وما زال يوسوس له حتى عصى ربه فغوى. وهؤلاء الأبالسة - قبحهم الله - يدّعون الحَدَبَ على الإنسانية، ومحض النصح للحكومات والشعوب، لتتحرر وتتقدم وتترقي، وهم في حقيقة أمرهم حفنة من المفسدين في الأرض، لا يرضيهم إلا أن يَرَوُا الناس كل الناس سائرين في ركابهم، مقتفين لآثارهم، هاوين معهم في قعر جهنم، ولو كانوا ناصحين كما يزعمون، عارفين بما يصلح الإنسانية كما يدعون؛ لحملوا الناس على الفضائل حملاً.

 

لقد أخذتْ كثيراً من المجتمعات الغربية بالزواني الرأفةُ، قبل عقدين من انعقاد هذا المؤتمر، فشملوهن بنظام الضمان الاجتماعي، ووفروا لهن المسكن، فكانت النتيجة شيوع الفاحشة في المجتمع، حتى غدت هي الأصل، وأمسى التعفف عادة بائدة من عوائد العهد (الفكتوري).

 

تقول (سمية جيمس)[2]: "بعض الفتيات يتعمدن أن يحملن سفاحاً لعدة أسباب: فمثلاً هناك إحساس عام بالإثم، تجاه المعاملة القاسية، التي كانت تتلقاها الأم غير المتزوجة في الماضي! لذلك تُتجاوز كثير من الإجراءات الحكومية لمساعدتهن! وُفرت مساكن حكومية لمساعدة اللاتي لا يستطعن شراء منازل.

بعض الناس يُعطَون أولويةً عند تخصيص المنازل، فقائمة انتظار المنازل في العادة طويلة، وقد يستغرق الأمر سنوات ليُعطى المرءُ منزلاً، والأمهات غير المتزوجات يُعتبرن حالة خاصة، لذا تنفذ طلباتهن بسرعة.

 

الطبع السكن السريع لهؤلاء الأمهات يكون على حساب المتزوجين، فتزيد مدة انتظارهم التي قد تصل لعدة سنوات. ولما كان من المتوقع أن تكون الأم غير المتزوجة غير قادرة على العمل، وليس لها من يعولها؛ أُتيح لها الاستفادةُ من (برنامج) الضمان الاجتماعي.

 

آخر رقم سمعته هو أن 23% من الأطفال يولدون خارج بيت الزوجية[3]! لذلك يُظن أن كثيراً من النساء يتعمدن وضع أنفسهن في هذا الموقف ليحصلن على مسكن، وليستفدن من الضمان الاجتماعي، وهذا بالطبع ما سبب كثيراً من الحنق بسبب زيادة الضرائب، والضغط على الاقتصاد"[4].

 

ولما كان طريق الفواحش ممهداً؛ زهد الرجال في الزواج، حتى صارت المرأة تحتال على الرجل ليتزوجها، تقول سمية: "كذلك من المعروف - وإن كان من الصعب برهان مثل هذا - أن كثيراً من الفتيات يحملن سفاحاً ليضمنّ بقاء الرجل، فالرجال عادة لا يستعجلون الزواج لأنه يقيد حريتهم، وبعض الفتيات يرون أن هذا هو الطريق الوحيد الذي يجعلهم يتزوجون منهن"[5]!

 

إلا أن الرجال - إن كان ثمة رجولة - كانوا يفعلون ذلك ستراً للفضيحة، ثم تغير الحال لما لم تعد هناك فضيحة! تقول سمية: "لما صارت المرأة غير المتزوجة مقبولة اجتماعياً، وزال الخجل من مثل هذا؛ لم يعد الرجال يحسون بأنهم مضطرون لإنقاذ الموقف، لذا ربما يتركها الرجل لما يكتشف أنها قد حبلت منه"[6]. وبهذا تفجع المسكينة في النكبة الواحدة ثلاث فجائع: في كرامتها التي ابتذلت، وفي الخبيث الذي كانت تظنه خير أنيس ورفيق فتبرَّأ منها، وفي المسكين الذي ستقتطعه من لحمها ودمها، ثم تلقيه ليلاقي ما كتب عليه.

 

كل الأمهات مهما لَفَحَهن هجير الحياة، وأظلمت عليهن الدنيا؛ يرين أولادهن فيرين فيهم النسيم الذي يعبق، والمستقبل المشرق الذي يبدد كل ظلام الدنيا، أما هي فمهما أغناها نظام الضمان الاجتماعي؛ فلا ترى في ابنها إلا مصيبة ألقاها على ظهرها خائن، تلهى بها زماناً، ثم رماها كما يرمى الثوب الخَلق.

 

أما أشباه الرجال من أبناء تلك المجتمعات، الذين يفكرون في تكوين أسرة، فلم يعودوا يرون أن الزواج هو السبيل الوحيد لذلك، بل يكفي أن يتفق رجل وامرأة على العيش سوياً، ومن البدهي أنه ليس لأي منهما أي مسؤولية تجاه الآخر، وقد يترك أحدهما الآخر لمجرد أنه وجد عرضاً أفضل. تقول سمية: "كذلك العيش معاً صار أمراً مألوفاً لا يتردد فيه أحد! أخي الأكبر عاش مع صديقته اثني عشر عاماً، وأنجبا طفلين قبل أن يتزوجا. وأخي الأصغر أمضى مع صديقته خمس سنوات حتى الآن، وعند إعداد هذا الكتاب كانا في انتظار طفلهما الأول، ودت أمي لو تزوجا.. لكن أخي قال لها: إنه لن يتزوجها لمجرد أنهما أنجبا، وعقد الزواج ما هو إلا ورقة لا قيمة لها عنده!"[7].

 

هكذا زعم! ولو صدق في دعواه لكتب الورقة وأثبتها! فماذا يكلفه هذا؟ غير أنه يعلم أن لتلك الورقة قيمة، فهي إثبات مسؤولية، وتحمل تبعات، وواجبات وحقوق، بل هي برهان ميثاق غليظ كما وصفه ربنا جل وعلا، تترتب عليه حقوق وواجبات، وتثبت به الأنساب، ويُحفَظ به حق الأطفال، حتى بعد الطلاق, هذا غير الطمأنينة التي تغشى كل الأسرة، ورباط الرحمة والمودة الذي يجعل من الأسرة بنياناً متيناً يشد بعضه بعضاً.

 

أما مجرد الاتفاق فهو القلق بعينه، إذ يتوقع كل طرف منهما أن يعود إلى البيت ليجد أن رفيقه قد استبدل به غيره، كما لا يأمن الطفل الذي يعيش اليوم معهما، أن يجد نفسه غداً مع أحدهما، وبعد غد مع موظفات الدولة في دور الرعاية!! والمبتلون بمثل هذا يشهدون بذلك، تقول سمية: "الزواج لم تعد فيه نفس المعاني التي كانت موجودة فيه في الماضي، إلا أن الناس لا يزالون يتزوجون[8]، ربما لأن الناس لم يفارقهم الإحساس بأن الزواج هو العلاقة الوحيدة التي يحس فيها الطرفان بالأمن، وهذا ما لا يجده اللذان يعيشان سوياً. فقدان الالتزام يجعل مثل هذا الاتفاق غير آمن، وجديراً بالتداعي، وبالطبع، الضحية هم الأطفال"[9].

 

لاشك أن تلك المجتمعات تعرف أن أم المشكلات هي ما يسمونه "الحرية الجنسية"، وتعرف أيضاً أنه لا سبيل للاستقرار إلا بالعودة إلى الحياة النظيفة، وأطر المجتمع كله على ذلك، لكنهم لا يجرؤن على ذلك، بل يحاولون علاج أعراضِ المرض، كلٍّ على حدة، وأصل الداء لا يُتعرَّض له، فالمرض يشد وطأته عليهم عاماً بعد عام، ويضعف مناعتهم الأخلاقية، فتهاجمهم أمراض أخرى، تزيد من ضعف مجتمعاتهم، حتى ربما يئس العقلاء من إمكانية علاج هذا الداء العضال فيهم. تقول سمية: إنها كثيراً ما كانت تفكر في هذه المشكلة قبل إسلامها، لكنها لم تكن تملك إلا أن تتساءل: "أوَ ما علينا إلا أن نقبل هذا الواقع على ما هو عليه، ونستيئس من إمكانية تغيير المجتمع؟ أنسمح للناس أن يفعلوا ما يشاءون، ثم نتعامل مع النتائج بعد ذلك كيفما كانت، مجهدين بذلك الأسر والاقتصاد؟ أم نكون شجعاناً ونتعامل مع جذور المشكلة؟

 

لم أجد إجابة لتساؤلاتي في ذلك الوقت، لكنني لما عرفت الإسلام وجدت إجابات لكل تساؤلاتي"[10].

 

وبعد كل هذا يحض هؤلاء المؤتمرون - بل المتآمرون - الحكومات على توفير المساكن لهؤلاء المجرمين، وأن تقدم لهم الدعم المالي، أو أي دعم آخر. وأول أنواع هذا الدعم الآخر هو العدول عن الصفة التي يستحقونها، إلى وصفهم بأنهم "آباء!.. غير متزوجين!! وهذه أولى خطوات قَبول المجتمع لمثل هذا الصنيع، وأولى خطواته كذلك في طريق الغواية، الذي يوصل إلى هوة الشقاء، التي لا مخرج منها إلا إلى نار السعير، وبئس المصير.

 

وحتى لا تصل المجتمعات المسلمةُ إلى هذا الدرك؛ فإن اللطيف الخبير، الحكيم البصير- جل جلاله - خص حدَّ الزنا، دون غيره من الحدود، بأمر المؤمنين - صراحاً - ألا تأخذهم بالزانِيَيْنِ رأفةٌ؛ إن كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ثم أمر بأن يشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين؛ إمعاناً في التنكيل بهما، وردعاً وزجراً لغيرهما، وحماية للمجتمع من أن يتحول إلى حفنة من أبناء الخطيئة والجرأة على الله سبحانه.

ــــــــــــــــــــــــ

[1] الفصل الأول (ب) ثالثاً- د/ 3- الفقرة (26)- التوصية 34 (أ-د)، ص 32.

[2] ممرضة بريطانية، ولدت سنة 1959م، واعتنقت الإسلام سنة 1983م، ومثلت بعض المنظمات، في عدد من المؤتمرات الدولية، التي ناقشت قضية المرأة، ومنها مؤتمر (بكين).

[3] ألفت كتابها سنة 1999م.

[4] Sumayya James: My Journey to Islam, English Woman's Story, pp.50-51.

[5] Ibid, p.51.

[6] Ibid, p.52.

[7] Ibid, p.52.

[8] بسبب المساواة التامة بين الجنسين.

[9] Ibid, pp.52-53.

[10] Ibid, p.54.

 

 

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق