احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

المرأة والسلم الدولي

جاء في التقرير الختامي للمؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم، الذي انعقد في نيروبي بكينيا عام 1985م، وعرف باسم: (استراتيجيات نيروبي المرتقبة للنهوض بالمرأة)؛ جاء فيه:

"مهمةُ صون السلم العالمي، وتفادي وقوع كارثة نووية، من أهم المهام التي ينبغي للمرأة أن تضطلع بدور فيها، لا سيما بتأييدها الفعال لوقف سباق التسلح، الذي يعقبه تخفيض انتشار الأسلحة، وتحقيق نزع السلاح العام الكامل، في ظل رقابة دولية فعالة، وبذلك تساهم في تحسين وضعها الاقتصادي"[1].

"وينبغي تشجيع المرأة على تلقي دراسات جامعية في نُظُمِ الحُكْمِ والعلاقات الدولية و(الدبلوماسية)، وتقديم الدعم المادي لها؛ كي تتمكن من الحصول على المؤهلات الفنية؛ اللازمة للعمل في الميادين المتصلة بالسلم والأمن الدوليين"[2].

 

أما تقرير المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، الذي انعقد في بكين بالصين عام 1995م، فقد نص على أنه:

"في عالم يتسم باستمرار عدم الاستقرار والعنف؛ ثمة حاجة ملحة إلى تنفيذ نُهُج تعاونية تجاه السلم والأمن، ووصولِ المرأة إلى هياكل السلطة، ومشاركتِها الكاملة فيها تماماً مثل الرجل، ومشاركتِها الكاملة في جميع الجهود التي تبذل من أجل منع المنازعات وتسويتها، كلها أمور أساسية لصون وتعزيز السلام والأمن.

 

ومع أن المرأة بدأت تؤدي دوراً هاماً في حل النزاعات، وحفظ السلام، وفي آليات الدفاع والشؤون الخارجية؛ فإنها ما زالت ممثَّلةً تمثيلاً ناقصاً في مناصب صنع القرار.

 

وإذا أريد للمرأة أن تنهض بدور مساو لدور الرجل في تأمين السلم وصيانته؛ فيجب تمكينُها سياسياً واقتصادياً، ويجب أن تكون ممثلة على جميع مستويات صنع القرار تمثيلاً كاملاً"[3].

 

صدِّقْ أو لا تصدق أن الذين أَمّوا هذين المؤتمرين هم مختصون وخبراء! وأن جُلَّهم من العالم المتحضر الذي يدعي أن حضارته قائمة على العلم، وأن سياساته وقراراته تستند دائماً إلى الإحصاءات والدراسات. ومع ذلك لم يجد المؤتمرون حرجاً في الاعتماد على التنظير المبني على غير أساس، والتغاضي عن التجارب النسائية، التي لم تسهم أي واحدة منها في تحقيق السلم الدولي!!

 

فقد عُقِدَ مؤتمر نيروبي هذا بعدَ ثلاث سنوات فقط من انتهاء الحرب البريطانية الأرجنتينية، التي كان سببها النزاع على جزر فوكلاند، وكانت (مارغريت تاتشر) رئيسة وزراء بريطانيا هي التي صادقت على قرار الحرب، ودفعت الجنود البريطانيين ليكونوا وقوداً لحربٍ كانت واحدة من أشد الحروب ضراوة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

 

ولم تكن المرأةُ الحديدية -كما كانوا يلقبونها- هي المرأةَ الوحيدةَ التي تقود بلادها إلى حرب دولية؛ فقد خاضت دولة الصهاينة من قبل بقيادة (قولدا مائير) حرباً ضد الدول العربية سنة 1967م، واغتصبت مزيداً من الأراضي العربية.

 

وفي الشرق الأقصى لم تحاول (أنديرا غاندي) إنهاء الحرب بين الهند وباكستان، بل ولم تحقق السلام في بلادها؛ فقد تفاقمت الصراعات في أطراف الهند أيام ولايتها، حتى كانت هي نفسُها واحدة من ضحاياها؛ عندما اغتالها حرسُها الشخصي، الذي ينتمي لطائفة السيخ، الذين سبق لها أن قمعتْهم بقوة الحديد والنار!

 

أما (بنازير بوتو) التي حكمت باكستان؛ فلم تكن أحرص من (أنديرا) على إنهاء الصراع على كشمير، الذي حصد أرواح الآلاف من الجانبين في جبهة القتال، وكان -وما يزال- سبباً للتفجيرات التي تقع في قلب المدن الكبيرة، في كل من الهند وباكستان.

 

وكما لم يكن للسياسِيَّاتِ أيُّ أثر في إيقاف الحروب، وتحقيق السلم؛ فهنَّ لم يبذلن -كذلك- أي جهد لوقف سباق التسلح؛ فقبل انعقاد مؤتمر نيروبي بخمس سنوات عيَّن (رونالد ريجان)، (جان كيركباتريك) ممثلةً لبلادها في مجلس الأمن، ومع ذلك كان عهد (ريجان) أحد العهود التي شهدت سباقاً محموماً في التسلح النووي، وكانت (جان) من المؤيدين بشدة لاعتماد سياسات دفاعية؛ تؤمن البلاد من أي خطر سوفيتي.

 

وبرغم كل هذه النماذج وسواها؛ خرج المؤتمرون في بكين سنة 1995م بتوصيات أخرى؛ مبنية على زعم أن المرأةَ "بدأت تؤدي دوراً هاماً في حل النزاعات، وحفظ السلام، وفي آليات الدفاع والشؤون الخارجية"، كأن سكان العالم لا يعرفون أي شيء عن تاريخ النزاعات، وليس لهم أي مصدر لمعرفة دور المرأة في سياسات الدول؛ إلا تقارير هذه المؤتمرات المشبوهة!!

 

وبعد هذه المزاعم تحسَّر المؤتمرون على التمثيل الناقص للمرأة في مناصب صنع القرار! ودعوا لتمكينها سياسياً واقتصادياً، وتمثيلِها على جميع مستويات صنع القرار تمثيلاً كاملاً؛ إذا أريد لها أن تؤدي دوراً مساوياً لدور الرجل في تأمين السلم وصيانته، كأنهم يهددون بأن من لم يفعل ذلك فهو الجاني على نفسه، وكأن المرأة بمجرد كونها وزيرة أو رئيسة وزراء؛ ستتجاوز سياسات بلدها، وتأتي بالخوارق والمعجزات لتنعم الشعوب بالسلام!!

 

لقد كان بإمكان هؤلاء الأفَّاكين أن يدْعُوا لتولية المرأة المناصب العالية في البلاد بحجة مساواتها مع الرجل، كما دعت لذلك اتفاقية (سيداو)، دون الحاجة لمثل هذا التعليل العليل، الذي لن يقنع سفيهاً ولا عاقلاً؛ إذ لن يصدِّق الناس مثل هذه التوصياتِ ويكذِّبوا أعينَهم؛ فالناس لم ينسوا بعدُ تهديداتِ (مادلين ألبرايت) -التي كانت ممثلةً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة في عهد (كلينتون)، ثم عيَّنها وزيرةً للخارجية- للسودان؛ لينصاع لرغبات بلادها، ثم مجاهرتَها بدعم المتمرِّدين بملايين الدولارات، ثم تحريضَها لإريتيريا وأثيوبيا ويوغندا؛ ليمكِّنوا المتمردين من شن القتال من أراضيهم.

 

ولما فُجرت سفارتا دار السلام ونيروبي اللتان تتبعان لوزارتها؛ كانت ردة الفعل أكثر من سبعين صاروخاً تقع على رؤوس المدنيين الأبرياء في أفغانستان، وأخرى تهدم مصنعاً للدواء في السودان؛ بحجة أنه مصنع لإنتاج الأسلحة الكيماوية، رغم أن المصنع مُنشَأٌ في وسط إحدى المناطق السكنية!

 

ولا يزال الناس يذكرون البارونة البريطانية (كوكس) التي كانت تدعو لمعاقبة السودان، ولم تتورع من تقديم تقارير خاطئة في سبيل تحقيق ذلك.

 

أما (كوندوليزا رايس) -الحاصلة على الدكتوراة في العلوم السياسية- فلم يمنع كونُها مستشارةً للأمن القومي، ثم وزيرةً للخارجية إرسالَ الجنود الأمريكان آلافَ الأميال ليشعلوا الحرب في أفغانستان والعراق، لمجرد الخوف من أن تتعرض بلادها لهجمات من هذين البلدين المحاصَرَين، المُدْقِعَين اللذَين يعيش أغلب سكانهما تحت خط الفقر! ولما ضَرب الصهاينةُ لبنان لم تقم بأي دور يذكر؛ برغم استنجاد الحكومة اللبنانية بحكومة بلادها، حتى حقق الصهاينة ما يريدون!!

 

أما (نانسي بيلوسي) رئيسةُ مجلس النواب -الشخصيةُ الثالثة في الولايات المتحدة بعد الرئيس ونائبه- التي من صلاحياتها السيطرةُ على حافظة أموال الدولة ووسائل إنفاقها؛ لأن كل تشريع يتعلق بالتمويل يجب أن يبدأ أصلاً في مجلس النواب، وهي التي تشرف على تعيين رؤساء اللجان واللجان الفرعية المختلفة في مجلس النواب، بما فيها اللجان المشتركة التي تتولى إجراء المفاوضات؛ للتفاهم والاتفاق على التشريعات التي تختلف نصوصها بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ  .

 

ومن صلاحياتها -كذلك- السيطرةُ والإشراف على جدولة التشريعات؛ لأن الرئيس هو الذي يحيل أي مشروعِ قانون يتقدم به أحد  أعضاء المجلس لإحدى لجان المجلس الإحدى والعشرين، وهو قرار له تأثير كبير على مصير مشروع القانون، وذلك لأنه لا يمكن أن يحظى أي مشروع قانون بالموافقة دون دعمٍ من اللجنة التي يحال عليها لدراسته وإقراره. وإذا حظي مشروع القانون بموافقة اللجنة؛ فإن رئيس المجلس هو الذي يقرر هل يُعرَض المشروع أو لا، وهو الذي يحدِّدَ موعدَ عرضه على المجلس بكامله لمناقشته والتصويت عليه.

 

ومع كل هذه الصلاحيات، ومع أنها لم تكن راضية عن الضربة الأمريكية للعراق قبل أن تتولى رئاسة المجلس؛ إلا أنها غيرت رأيها ووقفت في صف المؤيدين للحرب على العراق!

 

وأخيراً؛ ليس المقصود من هذه المقالة حصرَ النساء اللاتي تولَّين مناصب عالية، ولم يسعين لتحقيق السلام في العالم؛ ولكني أردت أن أشير إلى أن الواقع يُكذِّبُ الافتراض؛ الذي بُنيَت عليه الدعوةُ لإشراك النساء في الولايات العامة. وهذا واحد من أمثلةِ استخفافِ تلك المؤتمرات بالعقول المستنيرة الليبرالية!

فرجاءٌ حارٌّ: لا تصدقي كلَّ ما يقال، لاسيما من هؤلاء!!..

ــــــــــــــــــــــــ

[1] تقرير المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم، الفصل الأول، ثالثاً، (ب)- الفقرة (250)، ص86.

[2] تقرير المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم، الفصل الأول، ثالثاً، (و)- الفقرة (268)، ص94. 

[3] تقرير المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة- بكين، الفصل الرابع، (هـ)- الفقرة (134)، ص74-75.

 

 

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق